
إدارة الأعمال
الطـــــريق إلى الحكمــــــة

الغــــرور هو العــــدو
المؤلف: رايان هوليداى (Ryan Holiday)
دار النشر: بورتفوليو - 2016
التقييم:




صورة كيرك هاميت على غلاف أحد المجلات
(3) كن تلميــــــــذاً
فى إبريل عام 1980 قامت الفرقة الموسيقية الشهيرة المعروفة باسم "ميتاليكا" بفصل عازف الجيتار الأول لديها. وفى نفس اليوم قامت بضم عازف جيتار آخر بلغ بالكاد العشرين من العمر يدعى "كيرك هاميت"، والذى قام بعدها بأيام بأداء عرضه الأول معهم. كانت الفرصة التى يحلم بها أى عازف طوال حياته. فميتاليكا كانت فرقة واعدة، بدأت بالفعل فى تجاوز كل المؤشرات. وبعدها بعدة سنوات فقط أصبحت من أشهر الفرق الموسيقية فى العالم، ووصلت مبيعات ألبوماتها لأكثر من 100 مليون نسخة.
فى هذا الوقت تقريباً قام "كيرك" بفعل غريب للغاية. فعلى الرغم من السنوات التى قضاها فى التدريب، وعلى الرغم من انضمامه لأعظم الفرق فى ذلك الوقت، وبالرغم من أنه أصبح محترفاً بالمعنى الحرفى للكلمة، إلا أنه قرر فجأة أنه ليس جيداً كما يجب وأنه يحتاج للتدريب، وبدأ فى البحث عن معلم للجيتار، وهو مصر على أنه مازال تلميذاً.

جو ساتريانى الملقب بمعلم المعلمين والذى اختاره كيرك لبتعلم على يديه
كان المعلم الذى اختاره كيرك هو "جو ساتريانى" الملقب بمعلم المعلمين، والذى كان معروفاً فى ذلك الوقت بأنه بأنه واحد من أعظم عازفى الجيتار فى العالم على مر العصور. وكان يقوم بالتدريس فى مكان صغير فى أحد الولايات. كان اختيار ساتريانى بالتحديد محل دهشة الكثيرين، فأسلوب ساتريانى فى العزف كان مختلفاً تماماً عما اعتاد عليه كيرك. ولكن كان هذا بالضبط هو سبب اختياره له، فهو كان يريد تعلم ما لا يعلمه.
كان العديد من العازفين يتجنبون ساتريانى، وغالباً يتركوه هاربين وهم يصرخون بأنه معلم قاس وخشن. ولكن ما تميز به كيرك هو أنه كان تلميذ جيد. أخبره ساتريانى بوضوح من البداية: "أنت لا ينقصك الموهبة، فأنت تعلم كل شئ بالفعل، ولكن لا يعنى ذلك أن الأمر سيكون نزهة. ستكون هناك دروساً أسبوعية يجب تعلمها، وإذا لم تفعل فإنك ستضيع وقت الجميع .. فلا ترهق نفسك بالعودة مرةً أخرى."
وهكذا قام كيرك ولمدة عامين كاملين بفعل ماطلبه ساتريانى بالضبط. فكان يأتى كل أسبوع ليقيمه ويحكم على آدائه، ويتعمق أكثر فى النظريات والتقنيات الموسيقية للآلة التى سيعزف عليها بعد ذلك أمام الآلاف ثم مئات الآلاف. وحتى بعد انتهاء العاميين ظل كيرك يأتى إلى ساتريانى بشكل منتظم ليعرض عليه ما سيقوم بعزفه مع فرقته، ويصقل موهبته فى آدائها بشكل أفضل، ويركز مشاعره أكثر. وفى كل مرة كان يتحسن أكثر كعازف وكفنان.
قوة أن تكون تلميذاً ليست فقط فى الحصول على التوجيه والتعليم، ولكن فى أنها تؤمن لك سلاحاً فعالاً ضد الغرور. فأنت تعترف أن هناك من هو أفضل منك، وتتخلى عن غرورك وتضع طموحك ومستقبلك بيد شخص آخر. فالغرورو يجعلنا نرفض التفكير بأن هناك من هو أفضل منا، أو أن هناك ما نحتاج لتعلمه، فنحن نرغب دائماً أن نكون مستعدين ونكره أن يقوم أحد بتقييمنا.
كانت نتيجة ما قام به كيرك هو أنه أصبح واحداً من أعظم عازفى جيتار الميتال فى العالم، بل ونقل هذا النوع من الموسيقى من مجرد حركة موسيقية لتصبح موسيقى عالمية.
إن التظاهر بالمعرفة هو أخطر خطايا البشر، لأنه يمنعنا من نصبح أفضل مما نحن عليه
وضع أستاذ العلوم القتالية الحائز على عدة ألقاب عالمية "فرانك شامروك" نظاماً لتدريب المقاتلين أطلق عليه "زائد، ناقص، مساو". ويعنى به أن كل مقاتل يحتاج إلى أن يكون لديه: شخص أفضل منه ليتعلم منه، وشخص أقل منه يقوم بتعليمه، وشخص مساوى له يتحدى نفسه ضده. ويقول شامروك:
"يمكن للأفكار الخاطئة عن نفسك أن تدمرك، فأنا مازلت تلميذاً وهذا هو جوهر الفنون القتالية. يجب دوماً أن تستخدم التواضع كأداة، وأن تضع نفسك تحت تصرف شخص تثق به، كل ذلك يبدأ بأن تتقبل فكرة أن هناك آخرون يعلمون أكثر منك، ويمكنك الاستفادة منهم، ثم تبحث عنهم، وتقهر الضلالات التى تحملها بداخلك عن نفسك"
