top of page

أوستين كليون (Austin Kleon) مؤلف الكتاب

"الإبداع ليس موهبة، إنه طريقة عمل"  

 جون كليسي

أظهــــر عملك

 

المؤلف:           أوستين كليون (Astin Kleon )

دار النشر:        وركمان ببليشن كومبانى - 2014

التقييم:

 

    تخيل لو لم يحتاج مديرك القادم أن يقرأ سيرتك الذاتية لأنه قرأ مدونتك بالفعل. تخيل لو أنك طالب وحصلت على ترشيحك لوظيفة معينة بسبب مشروع تخرجك الذى وضعته على الإنترنت. تخيل أنك فقدت وظيفك ولكن لديك شبكة علاقات اجتماعية بها أشخاص يعرفون عملك ومستعدون لمساعدتك فى الحصول على وظيفة جديدة. تخيل أن تتحول هوياتك إلى عملك الاحترافى بسبب أن لديك متابعين يدعمون موهبتك. أو تخيل ما هو أبسط من ذلك بكثير، أن تقضى معظم وقتك وطاقتك واهتمامك لتحسين عملك وآدائه على أفضل صورة، وفى نفس الوقت تسمح لعملك بأن يجذب المهتمين به.

     كل ما يجب عليك فعله فقط هو أن تظهر عملك.

       أكثر الأسئلة التى يسألها القراء لى هى: كيف أستطيع إخراج أعمالى إلى النور؟ كيف أجعل الناس يلاحظوننى؟ كيف أجد جمهوراً لى ؟ كيف استطعت أن تفعلها؟

     وفى نظرى أن أفضل إجابة لهذه الأسئلة هى التى قالها الكوميديان الشهير ستيف مارتين عندما سئل عن هذا الموضوع "كن جيداً للغاية بحيث لا يستطيعون أن يتجاهلوك"

     وأنا أتفق معه تماماً، فأنت إذا وضعت كل تركيزك فى أن تجعل عملك جيداً فسيأتى الناس إليك. فالحقيقة هى أنك أنت لا تجد جمهوراً لعملك بل هم من يجدوك. ولكن لا يكفى أن تكون جيداً، فإذا أردت أن يجدك الناس، فلابد أولاً أن يمكن إيجادك.

     كل المبدعين تقريباً الذين قابلتهم فى حياتى يضعون المشاركة جزءاً هاماً من روتينهم اليومى. هؤلاء الأشخاص لا يهدرون وقتهم فى الحفلات واقامة العلاقات، فهم مشغولون للغاية بتحسين جودة عملهم ولا وقت لديهم للقيام بذلك. لذلك فبدلاً من انفاق أوقاتهم لإقامة الشبكات الإجتماعية يقومون باستغلال ميزة الشبكات الاجتماعية بأن يشاركوا بسخاء أفكارهم ومعارفهم معها.

     لقد اردت أن أكتب ما يشبه دليلاً عملياً للمبتدئين يوضح طريقة هؤلاء المبدعين فى العمل. وكان هذا هو ما انتهيت إليه هو كتاب لمساعدة هؤلاء الذين يكرهون فكرة الترويج لأنفسهم أعلمهم فيه كيف يفكرون فى عملهم كعملية لا تنتهى، وكيف يقومون بمشاركة هذه العملية بطريقة تجذب إليهم هؤلاء المهتمون بعملهم.

     فإذا كان اسرق كالفنانين يعلمك كيف تسرق التأثير من الآخرين، فإن هذا الكتاب سيعلمك كيف تؤثر فى الآخرين عن طريق أن تدعهم يسرقون منك.

 

(1) أنت لست مضطراً لأن تكون عبقرياً

لا تبحث عن العبقرية، ابحث عن المشقرية*

      هناك الكثير من الخرافات الهدامة التى نسمعها منذ الصغر، ولكن أكثر هذه الخرافات خطورة، هى أسطورة العبقرى الفريد: الشخص ذو الموهبة الجبارة التى تظهر من العدم فى إحدى فترات التاريخ، موهبة نقية لم تتأثر بأحد ولم يظهر مثلها من قبل. والذى يهبط عليه الإلهام كالوحى بشكل مفاجئ كضربات البرق الخاطف. يقضى بعدها وقته فى معمله أو صومعته يصقل فكرته ليخرج علينا بتحفته الفنية الخارقة.وهكذا تكون العبقرية حكراً على عدد قليل من الناس غالباً أموات مثل موزارت وبيكاسو وأينشتاين. بينما يعيش بقية المجتمع سلبياً معتمداً على ابداعاتهم .

     الحقيقة مختلفة تماماً عن ذلك، والتى يطلق عليها الموسيقار براين إينو (المشقرية)  وفى هذه المشقرية تولد الأفكار العظيمة غالباً بين عدد كبير من الأشخاص، فنانين ومفكرين ومنظرين وأكاديميين ومهندسين ... الخ، الذين يكونون ما يسمى بـ (بيئة الموهبة)**. إذا نظرنا إلى التاريخ بتمعن فسنجد أن الكثير من الأشخاص الذين نعتقد أنهم عباقرة متفردون، هم فى الحقيقة جزء من (مشهد متكامل من الأشخاص الذين يدعمون بعضهم البعض وينظر كل منهم إلى أعمال الآخر، ويحاكى كل منهم الآخر، ويسرقون أفكار بعضهم البعض، ويتشاركون أعمالهم سوياً.

     والمشقرية لا تنتقص من إنجازات هؤلاء العباقرة شيئاً، بل إنها تقر وتعترف بأن العمل الجيد لا يخلق فى الفراغ، وأن الإبداع فى كثير من المشاهد هو نتيجة تعاون واتصال مجموعة من العقول. الجميل بشأن هذه الفكرة هى أنها تعطى المجال لأى شخص أن يشارك فى الإبداع، وأن يتوقف عن المشاهدة السلبية وانتظار أعمال القلة القليلة العبقرية، ويبدأ فى التفكير بشأن كيفية مشاركته فى الإبتكار والإختراع. 

   الأهم من ذلك أننا نعيش الآن فى عصر تناسبه تماماً فكرة المشقرية. فالمشاركة والتعاون الآن أسهل من أى وقت مضى فى تاريخ الإنسانية. فالإنترنت ببساطة هى مشهد ضخم من الإتصال التواصل والتعاون إنها آداة تتجاوز كل الحدود الجغرافية والسياسية، فلا يجب أن تكون غنياً ولا مشهوراً ولا أن تمتلك شهادة من كبرى الجامعات العالمية لتحصل على فرصة للمشاركة فى الإبداع والإبتكار وتغيير العالم كل ما يجب عليك فعله فقط هوأن تغير فكرتك عن الإبداع من العبقرية إلى المشقرية.

كـن هاوياً ولا تكن محترفاً

    الهاوى هو الشخص الذى يقوم بالعمل بدافع الحب بغض النظر عن المال والشهرة. فى الفرنسية تعنى كلمة هاوى (المحب). ولأن الهاوى ليس لديه مايخسره فهو غالباً يتملك ميزة لا يمتلكها المحترف، وهى أنه على استعداد لتجربة أى شئ جديد ويمتلك الشجاعة الكافية لمشاركة نتيجة تجاربه مع الآخرين. ذلك فالهواة غالباً هم من يقومون بالإكتشافات الجديدة.

     فى عقل الهاوى هناك الكثير من الإحتمالات بينما فى عقل الخبير هناك القليل. فالهاوى لا يخشى الخطأ ولا يخجل من سخرية الآخرين منه. ويعلم الهاوى تماماً أن أكثر الإبتكارات حماقة هى فى النهاية ابتكارات. وأن كتاب الأعمال الإبداعية به أعمال جيدة وأعمال متوسطة، ولكن الأعمال المتوسطة مازالت فى الكتاب على أي حال. ويمكنك أن تتطور من المتوسط إلى الجيد. بينما الفجوة الحقيقية توجد بين من يفعل شيئاً ومن لا يفعل شيئاً على الإطلاق. ولذلك فهو يؤمن يعلم المساهمة بشئ صغير أفضل من عدم المساهمة على الإطلاق.

     ربما يفتقر الهاوى للتدريب الرسمى، لكنه يحاول التعلم طوال حياته ولا يخفى ذلك مما يساعد الآخرين على التعلم من أخطاءه. فالهاوى هو شخص عادى ولكنه مغرم بشئ ما بشدة ويقضى أغلب أوقاته فى التفكير فيه. ولذلك فى كثير من الأحيان يكون لدى الهاوى ما يمكننا أن نتعلمه أكثر من المحترف.

     الحقيقة هى أن العالم يتغير بسرعة هائلة من حولنا بطريقة تحولنا جميعاً إلى هواة. حتى المحترفين منا. ولذلك فأفضل طريقة لتزدهر هو أن تحافظ على روح الهاوى بداخلك وتحتضن المستقبل المجهول بلا خوف. وابدأ من الآن بالتخلص من الخوف بشأن المال أو الشهرة. لا تحاول أن تصبح خبيرا أو محترفاً واستعن بروح الهاوى بداخلك، وشارك ما تحب وسيجدك هؤلاء الذين يحبون ما تفعل.

لن تستطيع أن تجد صوتك ما لم تستخدمه

      دائماً ما نسمع نصيحة "ابحث عن صوتك" وكثيراً ما نتسائل كيف نجد صوتنا. والحقيقة أن الطريقة الوحيدة التى يمكنك أن تجد بها صوتك هى أن تستخدمه. فصوتك جزء منك مخلوق بداخلك مركب فيك، كل ما عليك هو أن تتحدث عن الأشياء التى تحبها وسيتبعك صوتك. تحدث عن عملك الذى تحبه، لا تخجل انشر عملك على الإنترنت، ففى هذه الأيام إذا لم تنشر عملك على الإنترنت فليس له وجود من الأساس.

      قد يبدو ذلك مبالغة ولكنها الحقيقة. فجميعنا لديه الفرصة ليستخدم صوته، ليقول ما يريد، ولكن الكثيرون منا يهدرون هذه الفرصة. إذا أردت أن يعرف الناس ماذا تعمل والأشياء التى تهتم بها، فيجب أن تشارك بقوة.جزء منك مخلوق بداخلك مركب فيك، كل ما عليك هو أن تتحدث عن الأشياء التى تحبها وسيتبعك صوتك. تحدث عن عملك الذى تحبه، لا تخجل انشر عملك على الإنترنت، ففى هذه الأيام إذا لم تنشر عملك على الإنترنت فليس له وجود من الأساس. قد يبدو ذلك مبالغة ولكنها الحقيقة.

تفكر فى الموت

      إذا بدت الفكرة مخيفة بالنسبة لك، حسناً إليك الخبر الهام، يوماً ما ستموت. يفضل الكثيرون منا نسيان هذه الحقيقة المؤكده فى الحياة، ولكن التفكير فى نهايتنا المحتومة التى لا مفر منها يوماً من الأيام يمكنه أن يضع كل شئ فى نصابه الصحيح.

     عندما تعرض جورج لوكاس المخرج الأمريكى الشهير مخرج سلسلة أفلام حرب النجوم لحادثة طريق مروعة ونجا من الموت بأعجوبة قرر أن كل يوم فى حياته بعد هذا التاريخ هو يوم إضافى ووهب نفسه لصناعة السينما وبدأ فى إخراج فيلمه حرب النجوم.

    يقول المغنى الأمريكى واين كوين بعد نجاته من حادثة كاد أن يهلك 

 فيها : "لقد أدركت أننى هالك لا محالة، وعندما أتذكر ذلك أقول لنفسى: أنا لن أجلس هنا وأنتظر الأشياء لتحدث بل سأخرج وأصنعها بنفسى، وحتى إن ظن الناس أننى أحمق فلن أهتم"

* المشقرية هى كلمة من اختراع المؤلف تجمع بين كلمتى (المشاركة) و(العبقرية) وقصد بها الدلالة على أن الأفكار الابتكارية المبدعة لا تأتى من شخص منفرد عبقرى كما يعتقد الناس، ولكن تنتج من تجميع الأفكار المبدعة ومشاركتها وتطويرها بين مجموعة كبيرة من الناس تربطهم علاقات متعددة.

 ......يتبـــــــع  

  • Facebook Classic
  • Twitter Social Icon
bottom of page