top of page

عندما يخسر العمالقة، قصة الطائرة بوينج 299

الزمان: 30 أكتوبر من عام 1935


المكان: مطار رايت - دايتون - ولاية

أوهايو - الولايات المتحدة الأمريكيــة

الحدث: مسابقة بين شركــــات تصنيع

الطــــائرات لتوريد صفقة طــــائرات

للجيش الأمريكى.

القصة: دعت القوات الجوية الأمريكية شركات تصنيع الطائرات للتنافس لبناء الجيل الجديد من قاذفات القنابل بعيدة المدى. ولكن لم يكن من المتوقع أن تحمل سمات المنافسة من الأساس. ففى خلال التقييم المبدئى كان النموذج 299 الذى صنعته شركة بوينج المصنوع من خليط الألمونيوم اللامع قد تفوق بشكل ساحق على النموذج الذى صنعته مارتن ودوجلاس.

كانت طائرة بوينج تستطيع حمل خمسة أضعاف كمية القنابل التى طلبتها القوات الجوية، وتستطيع الطيران أسرع من طائرات الجيل السابق وتقريبا لضعف المسافة. لدرجة أن أحد الصحفيين وصف الطائرة 299 بأنها "الحصن الطائر flying fortress" والتصق الإسم فى الأذهان. وكانت المنافسة كما وصفها "فيليب ميلنجر Phillip Meilinger" المؤرخ العسكرى بأنها: مجرد إجراءات شكلية. وكانت خطة القوات الجوية الأمريكية أن تطلب 65 طائرة من هذا النموذج.


تجمع حشد صغير من فرق الجيش ومديرى التصنيع لمشاهدة النموذج التجريبى للطائرة 299، وتابعوا والشغف يملأ أعينهم الطائرة وهى تنساب على المدرج. كانت رشيقة ومبهرة، بجناحيها البالغان 103 قدم ومحركاتها الأربعة بدلا من الإثنين المعتادين. ارتفع هدير محركات الطائرة الأربعة وهى تتحرك بنعومة وقوة على مدرج الطيران ، ثم انطلقت بسلاسة ثم ارتفعت يشكل حاد إلى ثلاثمائة قدم. ثم فجأة توقفت، ومالت على جناح واحد ثم انفجرت مطلقت نيران هائلة. ولقى اثنين من الخمسة الذين كانوا على متنها حتفهم منهم قائد الطائرة الرائد بولير هيل Ployer P. Hill.

كشف التحقيق أنه لم يحدث أى خطأ على الإطلاق للأجزاء الميكانيكية فى الطائرة. وأن الحادث نتج عن "خطأ الطيار" هكذا جاء فى تقرير لجنة التحقيق عن الحادث. وقال التقرير ان الحادث كان نتيجة للتعقيد الشديد فى الطائرة مقارنة بالطائرات السابقة، والذى تطلب من الطيار التحكم فى أربعة محركات بدلا من اثنين فى السابق، بالإضافة إلى جهاز الهبوط المتطور، ومراقبة لوحات الاجنحة الجديدة، والعدادات الكهربائية التى تحتاج للتعديل للتحكم فى سرعات الطائرة المختلفة، هذا غير سرعات المراوح التى تحتاج للتعديل بشكل مستمر باستخدام نظم التحكم الهيدروليكية وبينما يفعل كل ذلك نسى الرائد هيل أن يحرر قفل التحكم فى دفة الطائرة. وصفت الصحف بعد ذلك نموذج بوينج بأنه " طائرة كثير جدا على رجل واحد أن يقودها ".

فى نهاية الأمر أعلنت القوات الجوية عن فوز النموذج الأصغر الذى صنعه مارتن ودوجلاس، بينما أوشكت بوينج على الإفلاس نتيجة هذه الحادثة.

على الرغم من ذلك اشترت القوات الجوية بعض الطائرات من النموذج 299 من بوينج للاختبار، كما أن بعض الخبراء من داخل القوات الجوية كانوا مؤمنين بأن الطائرة قادرة على الطيران. لذلك قامت مجموعة من الطيارين بالعمل سويا لاكتشاف ما يمكن القيام به. وجاءت فى النهاية بنتيجة أن هذا النموذج يحتاج المزيد من التدريب لقيادته. ولكن لأنه من الصعب تخيل طيارا يمتلك من الخبرة والقدرة أكثر من الرائد هيل، والذى كان رئيس قسم الاختبارات فى القوات الجوية الأمريكية، كان يجب البحث عن حل آخر.

تم فى النهاية التوصل إلى طريقة فعالة وفى غاية السهولة والبساطة. لقد قاموا بوضع قائمة مفصلة بالمهام التى يجب على قائد الطائرة القيام بها، خطوة بخطوة. تهدف إلى التأكد من عدم نسيان قائد الطائرة لأى خطوة من الخطوات المطلوبة من أجل الإقلاع والطيران والهبوط.

فى الأصل كانت خبرة الطيار وقدرته على الحفظ والتذكر هى المحدد لمهارته فى الطيران. ولكن مع التعقد الموجود فى النموذج 299 وجد الطيارون أن قيادة الطائرات أصيحت معقدة لدرجة أكثر من أن تترك لذاكرة الطيارة مهما بلغت خبرته وبراعته.

باستخدام القائمة المرجعية استطاع الطيارون الطيران بالطائرة بوينج 299 أكثر من 1.8 مليون ميل بدون أى حوادث. وأمرت القوات الجوية الأمريكية بعد ذلك باستخدام هذه القائمة لقيادة جميع طائراتها. وربما كان استخدام هذه القائمة المرجعية هو سبب التفوق الهائل للقوات الجوية الأمريكية فى الحرب العالمية الثانية.

أهم الموضوعات
المقالات الأخيرة
تواصل معنا
  • Facebook Classic
  • Twitter Social Icon
bottom of page