top of page

البابا فرانسيس يتحدث عن الأمراض التى تصيب القادة


لم يخف البابا فرانسيس نيته فى القيام باصلاحات جوهرية على الهيكل الإدارى للكنيسة الكاثوليكية، الذى يراه منعزل ومتغطرس وبيروقراطى. فقد كان يدرك تماماً أنه فى عالم سريع التغير، أصبح فيه تركيز القيادة على الداخل وإعجابها بنفسها عبء لا يمكن تحمله.

في العام الماضي، قبل عيد الميلاد، قام البابا باختيار قادة المحفل الروماني من الكرادلة وغيرهم من المسؤولين عن إدارة الشبكة البيزنطية للكنيسة. وكانت رسالة البابا لزملائه حادة. إن القادة عرضة لمجموعة من الأمراض المدمرة، التى منها الكبر، والتعصب، وقصر النظر، والتفاهة.

وعندما يتم تجاهل علاج مثل هذه الأمراض فإن المنظمة نفسها تضعف، ومن أجل كنيسة سليمة، فنحن بحاجة إلى قادة أصحاء.

لقد استمعت خلال السنوات الماضية للعشرات من خبراء الإدارة وهم يعددون صفات القادة العظماء، ولكن نادراً ما سمعتهم يتحدثون بوضوح عن الأمراض التى تصيب القادة. كان البابا شديد الصراحة. فقد كان يدرك تماما أن البشر لديهم ميول ولا أحد منهم كامل. ولكن مع ذلك يجب أن يتمسكوا بمعايير مرتفعة، فلأنهم قدوة للعديد فأمراضهم بشكل خاص تكون شديدة العدوى.

الكنيسة الكاثوليكية هى البيروقراطية بعينها. تسلسل هرمى يشغله أناس صالحون ولكنهم ليسوا كاملين ولا معصومين. وفى هذا فهى لا تختلف ذلك كثيراً عن شركتك، ولذلك فإن مستشار البابا له صلات متعددة بالقادة فى جميع الأنحاء.

التالى هو خطاب البابا فرانسيس مع تعديله صياغته لتصبح أقرب على الفهم لمديرى الشركات.

*******

يطلب من فريق الإدارة دائماً تحين وتطوير علاقاته وحكمته من أجل زيادة قدرته على تحقيق رسالته. ومع ذلك، ومثل أى إنسان فإنهم أيضا عرضة للأمراض والخلل والعجز. وأود هنا أن أذكر بعض من هذه "الأمراض الإدارية." أنها إمراض وإغراءات يمكنها أن تضعف بشكل خطير فعالية أي منظمة.


1- مرض التفكير بأننا خالدون ومعصومون ولا يمكن الإستغناء عنا.

وبذلك نغفل أننا نحتاج فحوصات منتظمة. فريق القيادة الذى لا يمارس النقد الذاتى، ولا يستطيع مواكبة الأحداث، ولا يحاول أن يكون أكثر ملاءمة هو كيان مريض. إن زيارة بسيطة للمقابر قد تساعدنا لنرى أسماء العديد من الأشخاص الذين أعتقدوا أنهم خالدون ومحصنون ولا يمكن للحياة أن تمضى بدونهم! إنه المرض الذى أصاب أولئك الذين تحولوا إلى سادة وأمراء، الذين فكروا في أنفسهم باعتبارهم فوق الآخرين وليس في خدمتهم. إنها آفات السلطة والتى تنتج من عقدة التعالى، من النرجسية التى تنظر إلى النفس بافتنان ولا ترى وجوه الآخرين، خاصة الضعفاء منهم والمحتاجين. إن ترياق هذا الوباء هو أن تتواضع وأن تقول من قلبك "أنا فقط مجرد خادم. وما أفعل فقط هو واجبى."


2- مرض الإنشغال المفرط.

وجد هذا المرض عند أولئك الذين يغمرون أنفسهم فى العمل ويهملون الراحة قليلاً. فإهمال الراحة يؤدى إلى زيادة التوتر والانفعالات وسرعة الغضب والهياج. فالراحة لبعض الوقت أمر ضرورى بالنسبة لهؤلاء الذين أنجزوا عملهم بل ولازمة ويجب أن تأخذ على محمل الجد: عن طريق قضاء بعض الوقت مع الأسرة. ويجب احترام الأجازة كوسيلة ضرورية لإعادة شحن الطاقة.


3- مرض التحجر العقلى والعاطفى.

وجد هذا المرض عند القادة الذين يمتلكون قلباً من حجر. أولئك الذين يفقدون على مر الزمن الصفاء الداخلى، واليقظة والجرأة، ويختبأون تحت كومة من الأوراق ويتحولون إلى أشخاصا إنتهازيين روتينيين لا يملكون شفقة ولا رحمة. إنه من الخطورة بمكان أن نفقد إحساسنا كبشر نبكى مع الباكين ونفرح مع الفرحين. لأنه بمرور الوقت تتصلب قلوبنا وتتحجر وتصبح غير قادرة على أن تحب من حولها. أن تكون قائداً إنساناً يعنى أن تمتلك مشاعر التواضع والإيثار والعدل والكرم.


4- مرض التخطيط المفرط.

عندما يخطط القائد لكل شئ نزولاً حتى أدق التفاصيل، ويعتقد أنه مع التخطيط المحكم سيتم كل شئ بصورة مثالية كما خطط له، يتحول إلى محاسب أو مدير مكتب.فبالطبع يجب الإستعداد جيداً ولكن دون الوقوع فى اغراء محاولة التخلص تماماً من الأفعال التلقائية والأقدار، والتى عادة ما تكون أكثر مرونة من أى تخطيط بشرى. نحن نقع دائما فى هذا المرض لأنه من الأسهل والأكثر راحة أن نتخيل العالم يسير كما نخطط له.


5- مرض ضعف التنسيق.

بمجرد أن يفقد القادة الإحساس بالمجتمع من حولهم يفقد الجسد أدائه المتناغم والمتوازن، ويصبح الأمر كما لو كانت فرقة موسيقية لا تنتج غير الضوضاء، أعضاؤها لا يعملون معاً، وفقدوا روح التعاون والعمل الجماعى. عندما تقول القدم للذراع: "لست بحاجة لكم، 'أو يقول اليد للرأس،" أنا المسؤول."فإنهم يخلقون الفوضى وضيق الأفق.


6- مرض زهايمر القيادة.

يعنى فقدان الذاكرة بخصوص هؤلاء الذين قاموا برعايتنا وإرشادنا ودعمنا فى مسيرة حياتنا. نحن نرى ذلك فى أولئك الذين فقدوا ذاكرتهم الخاصة بلقائهم مع القادة العظماء الذين ألهموهم، أولئك الذين انغمسوا تماماً فى حاضرهم، فى أهوائهم وشغفهم، أولئك الذين يبنون العادات والأسوار حول أنفسهم حتى يصبحوا فى النهاية عبيدا لأصنامهم التى صنعوها بأيديهم.


7- مرض المنافسة والخيلاء.

عندما تصبح المظاهر والمميزات والمناصب هى الهدف الرئيسى للحياة، ننسى أننا لا يمكن أن نؤدى واجبنا الأساسى كقادة من خلال الأنانية والغرور ولكن من خلال التواضع واعتبار الآخرين أهم من أنفسنا. فكقادة يجب أن لا ننظر فقط لمصالحنا الشخصية ولكن أيضاً لمصالح الآخرين.


8- مرض ازدواج الشخصية.

هذا هو مرض أولئك الذين يحيون حياة مزدوجة. ثمرة ذلك النفاق هو الفراغ العاطفى المتزايد الذى لا تستطيع أى إنجازات أو مناصب أن تملؤه. وهو مرض غالبا ما يصيب أولئك الذين لم يعودوا يتصلون مباشرة بعملائهم ومرؤوسيهم، وأصبحوا مقيدين بالبيروقراطية والروتين، وهكذا يفقدون الاتصال مع الواقع ومع الناس الحقيقيين الذين يعملون من أجلهم.


9- مرض الغيبة والنميمة والتذمر.

وهذا مرض خطير يبدأ ببساطة أحيانا من محادثات صغيرة، ثم يستحوذ على الشخص ويجعل منه الشخص الذى يبث السموم، بل وفى كثير من الحالات الشخص الذى يقضى بدم بارد على السمعة الطيبة لزملائه. إنه مرض يصيب الأشخاص الجبناء الذين يفتقرون إلى الشجاعة للتحدث بشكل مباشر، وبدلاً من ذلك يتحدثون من خلف ظهور الآخرين. دعونا نكن على أهبة الاستعداد لمكافحة النميمة والقيل والقال.


10- مرض تأليه الرؤساء.

هذا هو مرض أولئك الذين يتملقون الرؤساء على أمل الحصول على مكاسب شخصية. إنهم ضحايا الوصولية والإنتهازية. إنهم يقدسون الأشخاص عوضا عن المصلحة العامة. يفكرون فقط فيما يمكنهم الحصول عليه وليس ما يمكن أن يقدموه، إنهم أشخاص محدودى الأفق. أشخاص تعساء لا تحركهم سوى أنانيتهم المفرطة. ويمكن أن يتأثر الرؤساء أنفسهم بهذا المرض، عندما يحاولون الحصول على خضوع وولاء الإعتمادية النفسية لمرؤوسيهم، ولكن النتيجة النهائية دائما تكون تواطؤ مريض.


11- مرض اللامبالاه بالآخرين

هذا يحدث عندما يفكر كل قائد فقط فى نفسه، ويفقد صدق ودفئ العلاقات الإنسانية. ويمكن أن يحدث ذلك بعدة طرق: عندما لا يضع الشخص الأكثر معرفة علمه فى خدمة زملائه الأقل منه علماً، أو عندما تتعلم شئ وتحتفظ به لنفسك بدلاً من أن تتقاسمه بطريقة مفيدة مع الآخرين، أو عندما يدفعك الحسد والغيرة بالاستمتاع برؤية الآخرين يفشلون بدلاً من تشجيعهم ومساعدتهم على النهوض .


12- مرض الوجه المكتئب

يمكنك أن ترى هذا المرض فى هؤلاء الأشخاص المكتئبون الصارمون الذين يعتقدون أنه لكى تكون جاداً فيجب أن ترتدى قناع الوجه الحزن والشدة، وأن تعامل الآخرين خاصة من تعتقد انهم أقل منك بصرامة وتعالى وغطرسة. على الرغم من أنه فى الحقيقة الشدة العقيمة والتشاؤم هى فى كثير من الأحيان أعراض تدل على الخوف وانعدام الأمن. يجب على القائد أن يبذل قصارى جهده ليكون مهذباً وهادئاً ومتحمساً ومرح، والشخص الذى ينقل البهجه أينما حل. وهمذا القائد لا يجب أن يفقد مرحة وحس دعابته بل وقدرته على السخرية الأمر الذى يجعل الناس متماسكين حتى فى أحلك المواقف. فجرعة من الفكاهة دائماً تكون مفيدة.


13- مرض الإكتناز

يظهر هذا المرض عندما يحاول القائد أن يملأ الفراغ الموجود فى قلبه باكتناز السلع المادية، ليس بسبب حاجته ولكن فقط من أجل الإحساس بالأمان. الحقيقة هي أننا لسنا قادرين على اخذ السلع المادية معنا عندما نغادر هذه الحياة، فالكفن ليس له جيوب كما يقولون، ولن تستطيع كنوز الأرض جميعاً أن تملأ هذا الفراغ، وكنها فقط تجعله أعمق وأكثر إلحاحاً. الإكتناز فقط يزيد أعباءنا ويبطئ رحلتنا.


14- مرض الحلقات المغلقة

عندما يصبح الانتماء إلى جماعة أقوى من هويتنا المشتركة . هذا المرض فى أغلب الأوقات يبدأ بالنوايا الطيبة، ولكن بمرور الوقت يستعبد أعضائه ويصبح السرطان الذى يهدد انسجام المنظمة ويتسبب فى شرور هائلة، خاصة لهؤلاء الذين نعاملهم كغرباء. فالنيران الصديقة التى تأتى من رفاقنا الجنود، هو الخطر الأكثر غدراً. هى الشر الذى يضرب من الداخل. أو كما نقول أى مملكة تنقسم على نفسها فقد ضاعت.


15- وأخيراً: مرض التبذير واستعراض الذات

ويحدث هذا المرض عندما يحول زعيم أو قائد خدمته إلى قوة، ويستخدم هذه القوة لتحقيق مكاسب مادية، أو للحصول على قوة اكبر. هذا هو مرض الأشخاص الذين يحاولون بشره تكديس السلطة والقوة ولتحقيق هذه الغاية لديهم استعداد للتشهير بالآخرين وتشويه سمعتهم، الذين يحاولون استعراض أنفسهم لإظهار أنهم أكثر قدرة من غيرهم. هذا المرض له ضرر عظيم لأنه يقود الناس لتبرير أى وسيلة يمكن استخدامها لتحقيق هدفهم والذى يحدث فى كثير من الأحيان باسم العدالة والشفافية! أنا أتذكر هنا أحد القادة الذى اعتاد على استدعاء الصحافيين ليخبرهم بأمور حقيقية أو مفبركة خاصة وسرية بشأن زملائه. وكان الشئ الوحيد الذى يهتم به ويقلق بشأنه هو أن يرى صورته على الصفحة الأولى، لأن هذا كان يجعله يشعر بالقوة والشهرة، بينما يسبب الكثير من الضرر لزملائه ومنظمته.


أيها الأصدقاء، إن هذه الأمراض خطرا على كل قائد وكل منظمة، ويمكنها أن تصيب كلاً من الفرد أو المجتمع على حد سواء.

أهم الموضوعات
المقالات الأخيرة
تواصل معنا
  • Facebook Classic
  • Twitter Social Icon
bottom of page